أصبح العالم اليوم قرية صغيرة لمّا أضحت إمكانية الوصول إلى المعلومات وحتى الأماكن أمراً سهلاً وسريعاً. ومع ذلك فإن هذه السهولة أدت في المقابل إلى صعوبة التمييز بين الثقافات والحفاظ على هوية فريدة. فمفهوم الموطن هو مفهوم صميميّ للغاية، وفكرته ترتبط– ولو مجازيّاً– بمشاعر عميقة مثل الحنين والراحة والأمان، إلى جانب مشاعر النزوح والفقد والعلاقات البشرية والنمو الشخصي. يستكشف المعرض فكرة الموطن ضمن السياق المعاصر ويثير تساؤلات حول الهوية والانتماء بأعين 17 فناناً شاركوا في برنامج الإقامة الفنية في مطافئ 2023–2024.
يشارك الفنانون هنا سرديات ومشاعر غنية ومتنوعة ترتكز حول ثلاثة استكشافات: بيئية واجتماعية وثقافية. ويتجلى أن هناك ارتباط مباشر بين هوية الفرد ومفهوم الهوية الحضرية الذي يتمحور حول علاقة الإنسان ببيئته ومحيطه وفضائه بما يحمله من عناصر، وبين التفاعل بين هذه المكونات في ما بينها. وعلى مستوى أعمق، ترمز البيئة أيضاً إلى العلاقات الاجتماعية والمشاعر المشتركة بين الناس مع المباني والشوارع والأشجار. يسلّط معرض "بيتٌ يطل على العالم" الضوءَ على أعمال فنية تنبثق من بحث الفنانين المستمر، سواء في قرارة أنفسهم أو في البيئة والمجتمع من حولهم، فهو بمثابة استعارة تعكس الرحلة البشرية في البحث عن الذات في ظل عالم سريع ومتغير.
والدوحة كمدينة هي انعكاس للتطور والتنوع السريع، فبينما تتغير هويتها وتتطور، تتغير كذلك هوية سكانها، فيسود الشعور بالحنين والشوق إلى الماضي في أذهان الجميع في الوقت الذي نشهد فيه هذا التطور ونحتضنه. فمن ناحية، نحن بصدد مشاهدة مشاريع حضرية ضخمة صممَّها كبار المهندسين المعماريين، ومن ناحية أخرى نرى جهوداً تُبذل في سبيل الحفاظ على سوق قديم في وسط المدينة. والفنانون المشاركون هنا واعون لهذه التغييرات ومدركون لها، وممارساتهم الفنية هنا توثق مشاعرهم الفردية والجماعية والتعقيدات المستمرة في النطاق المحلي والمجتمعي والعالمي.