يحاول معرض "الفن الروسي التجريبي: بين الروّاد وحاملي الشعلة" استكشاف الصلات التي تربط بين أعمال الفنانين الروّاد الثوريين في مطلع القرن العشرين وفي مقدمتهم فلاديمير تاتلين وألكسندر رودشينكو وميخائيل ماتيوشين، ومقارنتها مع ما قدّمه الجيل الثاني من أبناء الفن الطليعي.
انعكست الاكتشافات الثورية الجديدة في القرن العشرين على تقديم أشكال جديدة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعدى إلى نهج قائم على تبنّي أساليب مبتكرة تتجاوز ما هو تقليدي على مستوى التقنيات والمواد المستخدمة. لكن أدّت آلة الدعاية السوفيتية في ثلاثينيات القرن العشرين إلى اعتراض هذه التجربة العالمية التي كانت تهدف فعلياً لتغيير العالَم. ولكن تم إحياء التجربة مجدداً في نهاية الخمسينيات على يد جيل ما بعد الحرب من حاملي شعلة الفن الطليعي الذين حوّلوا اهتمامهم إلى الحركة والضوء والصوت باعتبارها عناصر جوهرية في عالَم الفن.
ويأتي التجريب على مستوى المواد المستخدَمة في المقتنيات المعروضة من لوحات وفن غرافيك وصور فوتوغرافية ونماذج لأعمال تجهيزية تمت إعادة تركيبها لتكون دليلاً على التغيير المستمر الذي أحدثه الفن الطليعي الروسي لا على تاريخ الفن فحسب، بل كذلك على مستوى العمارة والتكنولوجيا والتطور العلمي.
أمينة المعرض: إيرينا غورلوفا
متحف تريتياكوف الحكومي هو متحف عالمي مرموق ومشهود له دولياً، كما يُعتبر مؤسسة علمية وثقافية وتعليمية وبحثية رائدة في روسيا. ومنذ سنة 1856 عندما بدأ التاجر وراعي المتحف بافل تريتياكوف باقتناء مجموعته الفنية الخاصة، تطوّر المتحف على مدى قرن من الزمن وشهد حروباً وانتقالاً من موقع لآخر وعمليات تجديد وتوسيع لتُصبح في حوزته أكبر مجموعة من الفن الروسي في العالم. أما مقتنياته التي يزيد عددها عن 190 ألف من لوحات وتماثيل وقطع أثرية وأعمال غرافيك معروضة في عدد من أعرق مباني موسكو، فلا تقتصر أهميتها على أنها مصدر تاريخيّ شامل للفن الروسي، بل تُشكّل كذلك سرداً لما شهدته الحياة الروسية من تحوّلات وتبدلات على مدى السنوات.